وفك المصدر ليخص ما وجد منه بالفعل فقال:{بما كسبوا} أي من جميع أعمالهم سواء كان حراماً أو لا {ما ترك على ظهرها} أي الأرض {من دآبة} أي بل كان يهلك الكل، أما المكلفون فلأنه ليس في أعمالهم شيء يقدره سبحانه حق قدره، لما لهم من النقص ولما له سبحانه من العلو والارتقاء والكمال، وأما غيرهم فإنما خلقوا لهم، والمعاصي تزيل النعم وتحل النقم، وذلك كما فعل في زمان نوح عليه السلام، لم ينج ممن كان على الأرض غير من كان في السفينة {ولكن} لم يعاملهم معاملة المؤاخذ المناقش، بل يحلم عنهم فهو {يؤخرهم} أي في الحياة الدنيا ثم في البرزخ {إلى أجل مسمى} أي سماه في الأزل لانقضاء أعمارهم ثم لبعثهم من قبورهم، وهو لا يبدل القول لديه لما له من الصفات التي هي أغرب الغريب عندكم لكونكم لا تدركونها حق الإدراك {فإذا جاء أجلهم} أي الفنائي الإعدامي قبض كل واحد منهم عند أجله، أو الإيجابي الإبقائي بعث كلاًّ منهم فجازاه بعمله من غير وهم ولا عجز.
ولما كانوا ينكرون ما يفمهه ذلك من البعث، أكد فقال:{فإن الله} أي الذي له صفات الكمال الموجد بتمام القدرة وكمال