أقوى فقدمت الياء لجهرها، وكانتا - بعد اختلاف بالجهر والهمس - قد اتفقتا في الانفتاح والرخاوة والاستفال إشارة إلى أن القلب لا يصلح - كما تقدم - مع الصلابة التي هي في معنى الجهر إلا بالإخبات الذي هو في معنى الهمس، وبالنزول عن غاية الصلابة إلى حد الرخاوة لئلا يكون حجرياً قاسياً بأن يكون فيه انفتاح ليكون مفيداً وقابلاً ويكون مستفلاً ليكون إلى ربه بتواضعه واصلاً وزادت السين بالصفير الذي فيه شدة وانتشار وقوة لضعفها عن الياء بالهمس فتعادلتا، ودل صفيرها على النفخ في الصور الذي صرحت به هذه السورة ودل جهر الياء على قوته ودل كونها من حروف النداء على خروجه عن الحد في الشده حتى تبدو عنه تلك الآثار المخلية للديار، المنفية للصغار والكبار، ثم الباغتة لهم من جميع الأقطار، امتثالاً لأمر الواحد القهار، وكان مخرجهما من اللسان الذي هو قلب المخارج الثلاثة لتوسطه وكثرة منافعه في ذلك، وكانت الياء من وسطه والسين من طرفه، وكان هذان المخرجان، مع كونهما وسطاً، مداراً لأكثر الحروف، هذا مع ما لهما من الأسرار التي تدق عن تصور الأفكار، قال تعالى:{يس *} وإن كان المعنى: يا إنسان، فهو قلب الموجودات المخلوقات كلها