للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسجع نقيصة لا تليق بمنصبه العالي لأن الشاعر مقيد بوزن وروي وقافية، فإن إطاعه المعنى مع ما هو مقيد به كان وإلا احتال في إتمام ما هو مقيد به وإن نقص المعنى، والساجع قريب من ذلك، فهذا هو الذي لم يعلمه الله له، لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تابع للمعاني والحقائق والحكم التي تفيد الحياة الدائمة، لأنه مهيأ بالطبع المستقيم لذلك غير مهيأ لغيره من التكلف، وإذا أنعمت النظر في آخر الآية الذي هو تعليل لما قبله تحققت أن هذا هو المراد، فوضح أيّ وضوح بهذا أن كلاًّ منهما نقيصة، فلا يتحرك شيء من أخلاقه الشريفة نحوها، ولا يكون له بذلك شيء من الاعتناء، وقد أشبعت الكلام في هذا وأتقنته في كتابي «مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور» وهو كالمدخل إلى هذا الكتاب - والله الموفق للصواب.

ولما أخبر سبحانه بإعماء أفكارهم، وهدد بطمس أبصارهم، ومسخهم على مقاعدهم وقرارهم، وأعلم بأن كتابه خاتم بإنذارهم، ذكرهم بقدرته وقررهم تثبيتاً لذلك ببدائع صنعته، فقال عاطفاً على ما تقديره: ألم يروا ما قدمناه وأفهمته آية {ومن نعمره} وما بعدها من بدائع صنعنا تلويحاً وتصريحاً الدال على علمنا الشامل وقدرتنا التامة، فمهما

<<  <  ج: ص:  >  >>