متهكماً بها ظاهراً وموبخاً لقومه حقيقة:{ألا تأكلون *} ثم زاد في إظهار الحق والاستهزاء بانحطاطها عن رتبة عابديها فقال: {ما} أي أيّ شيء حصل {لكم} في أنكم {لا تنطقون *} .
ولما أخبر تعالى أنه أظهر ما يعرفه باطناً من الحجة فقال:{فراغ} أي سبب عن إقامته الحجة أنه أقبل مستعلياً {عليهم} بغاية النشاط والخفة والرشاقة يضربهم {ضربا باليمين *} أي بغاية القوة، وجعل السياق للمصدر إشارة إلى قوة الهمة بحيث صار كله ضرباً. ولما تسبب عن ذلك أنهم لما علموا بكسرها ظنوا فيه لما كانوا يسمعونه منه من ذمها وحلفه بأنه ليكيدنها فأتوه، أخبر عن ذلك بقوله مسبباً:{فأقبلوا} ودل على أنه من مكان بعيد بقوله: {إليه يزفون *} أي يسرعون، وقراءة حمزة بالبناء للمفعول أدل على شدة الإسراع لدلاتها على أنهم جاؤوا على حالة كان حاملاً يحملهم فيها على الإسراع وقاهراً يقهرهم عليه من شدة ما في نفوسهم من الوجد.
ولما كان من المعلوم أنهم كلموه في ذلك فطال كلامهم، وكان تشوف النفس إلى جوابه أكثر، استأنف الخبر عنه في قوله:{قال} غير هائب لهم ولا مكترث بهم لرؤيته لهم فانين منكراً عليهم: {أتعبدون} وندبهم بالمضارع إلى التوبة والرجوع إلى الله، وعبر بأداة ما لا يعقل