من غير أن يذكر «أن» المؤكدة، ولما كانت أهل الملل كلها متفقة على حبه، وكان كلهم يدعي اتباعه ورتبة قربه، قال معللاً لجزائه بهذا المدح في سياق التأكيد استعطافاً لهم إلى اتباعه في الإيمان وتكذيباً لمن ينكر أن يكون الإيمان موجباً للإحسان:{إنه من عبادنا} أي الذين يستحقون الإضافة في العبودية والعبادة إلينا {المؤمنين *} فلا يطمع أحد عري عن الإيمان في رتبة أتباعه، قال الرازي: الإيمان المطلق الحقيقي شهود جلال الله ووحدانيته والطمأنينة إليه في كل محبوب ومكروه، وترك المشيئة لمشيئته والانقياد لأمره في جميع أحواله. ولما أتم قصته في أمر الذبيح، وشرع في ذكر ما جازاه به على ذلك، جعل منه أمر إسحاق عليه السلام فقال:{وبشرناه} أي جزاء على صبره في المبادرة إلى امتثال الأمر في إعدام إسماعيل عليه السلام {بإسحاق} مولوداً زيادة له بعد ما سلمنا إسماعيل عليه السلام حال كونه {نبياً} أي في قضائنا أو بوجوده مقدرة نبوته. ولما كان هذا اللفظ قد يطلق على المتنبىء، أزال إشكال هذا الاحتمال وإن كان واهياً بقوله:{من الصالحين *} أي العريقين في رتبة الصلاح ليصلح لأكثر الأوصاف الصالحة. ولما أثنى على إبراهيم عيله السلام بما عالج مما لم يحصل لغيره مثله، وكان من أعظم جزاء الإنسان البركة في ذريته قال:{وباركنا عليه} أي على الغلام الحليم وهو الذبيح المحدث عنه الذي جر هذا الكلام كله الحديث عنه، وكان آخر ضمير محقق عاد عليه