ولم يذكر في نسختي - وهي قديمة جداً - شيئاً يدل على رجوعها، وأما في نسخة عندهم فقال: إن الملك قال لها: ارجعي إلى سيدتك واستكدي تحت يدها - ولم يذكر أنها رجعت، وقد صح الخبر عندنا بقول نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن إبراهيم عليه السلام وضع هاجر وابنها إسماعيل عليه السلام، عند البيت الحرام وهو يرضع، واستمرا هناك إلى أن ماتت هاجر رضي الله عنها، وتزوج إسماعيل عليه السلام وبنى البيت مع أبيه عليهما السلام، وقوله «لأن نسلك إنما يذكر بإسحاق عليه السلام» غير مطابق للواقع، فإن شهرة العرب بإبراهيم عليه السلام أن لم تكم أن أكثر من شهرة بني إسحاق بذلك فهي مثلها، وخبر الله لا يتخلف، فدل هذا كله أنهم بدلوا القصة وحرفوها، فلا متمسك فيها لهم، ودلالتها على أن الذبيح إسماعيل عليه السلام أولى من دلالتها على غير ذلك لوصفه بالوحيد - والله أعلم كيف كانت القصة قبل التبديل؟ ومما يدل على ما فهمت من تبديلهم لها ما قال البغوي: قال القرظي يعني محمد بن كعب -: سأل عمر بن عبد العزيز رجلاً كان من علماء اليهود أسلم وحسن إسلامه: أي ابني إبراهيم عليه السلام أمر بذبحه؟ فقال: إسماعيل يا أمير المؤمنين! إن اليهود لتعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذي كان من أمر الله