والعرب من مثل ذلك، ولقد كان ما حذرهم منه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على أعظم ما يمكن أن يكون إلا نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما كان نبي الرحمة لين الله قلوبهم حتى ردهم إلى ما اغتبطوا به من متابعته، فصاروا به ملوك الدنيا والآخرة.
ولما كانت فائدة النصرة التمكن من إقامة الدين قال:{وآتيناهما} أي بعظمتنا بعد إهلاك عدوهم {الكتاب المستبين *} أي الجامع البين الذي هو لشدة بيانه طالب لأن يكون بيناً وهو كذلك فإنه ليس شيء من الكتب مثل التوراة في سهولة مأخذها، وجمع هارون عليه السلام معه في الضمير لأنه مثله في تقبل الكتاب والعمل بجميع ما فيه والثبات على ما يدعو إليه وإن كان نزوله خاصاً بموسى عليه السلام:{وهديناهما الصراط} أي الطريق الواضح في الإيصال إلى المقصود {المستقيم *} أي الذي هو لعظيم تقومه كأنه طالب لأن يكون قويماً، فهو في غاية المحافظة على القوم فلا يزيغ أصلاً، ولذلك هو شرائع الدين القيم.
ولما كان الذكر الجميل عند ذوي الهمم العالية والعزائم الوافية هو الشرف قال:{وتركنا عليهما} أي ما تعرفون من الثناء الحسن