لما في عقولكم وطباعكم من أنكم لا ترضون لأنفسكم أخس المنازل، فكيف يختاره لنفسه ربكم الذي بيده كل شيء؟ وإنه لا يكون الولد مطلقاً إلا ممن له جنس، فيكون محتاجاً إلى جنسه، والمحتاج لا يكون إلهاً بوجه، وأشارت قراءة الجماعة بالتشديد والإدغام إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد تذكر بما أشار إليه التشديد مع دقة بما أشار إليه الإدغام لأجل حل شبهة من يرى أفعال من يحيي الموءودة فيظن أن ذلك رغبة منهم في الإناث، وليس ذلك إلا رغبة في دفع فساد القتل ورحمة للضعيف، ولم يقرأ بالفك إشارة إلى أن الأمر غني عن الدرجة العليا في التأمل.
ولما قررهم على شهود ذلك بما تضمن إبطاله عقلاً، فلم يبق من طرق الأدلة إلا السمع، عادل به قوله:{أم لكم} أي على ادعاء ذلك {سلطان} أي دليل سمعي بخبر سماوي قاهر، وأشار إلى أنه لا يتكلم في أحوال الملوك إلا بأمر واضح بقوله:{مبين *} .
ولما كان المراد بهذا - ولا بد - البرهان السمعي، بينه بما سبب عنه من قوله:{فأتوا بكتابكم} أي الذي أتاكم بذلك السلطان من الملك في أنه اختار لنفسه ذلك، ودل على كذبهم تلويحاً بعد أن أتى به تصريحاً وهو أنكى ما يكون بالإتيان بأداة الشك في قوله: