سيرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والخلفاء الثلاثة بعده رضي الله عنهم.
ولما ثبت لا محالة بهذا أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هو المنصور لأنه من المرسلين ومن جند الله، بل هو أعلاهم، سبب عن ذلك قوله:{فتولّ} أي فكلف نفسك الإعراض {عنهم} أي عن ردهم عن الضلال قسراً {حتى حين *} أي مبهم، وهو الوقت الذي عيناه لنصرك في الأزل {وأبصرهم} أي ببصرك وبصيرتك عند الحين الذي ضربناه لك وقبله: كيف تؤديهم أحوالهم وتقلباتهم كلما تقلبوا إلى سفول.
ولما كانوا قبل الإسلام عمياً صمًّا لأنهم لا يصدقون وعداً ولا وعيداً، ولا يفكرون في عاقبة، حذف المفعول من فعلهم فقال متوعداً محققاً بالتوسيف لا مبعداً:{فسوف يبصرون *} أي يحصل لهم الإبصار الذي لا غلط فيه بالعين والقلب بعد ما هم فيه من العمى، وهذا الحين واضح في يوم بدر وما كان من أمثاله قبل الفتح، فإنهم كان لهم في تلك الأوقات نوع من القوة، فلذلك أثبتهم نوع إثبات في أبصرهم.
ولما كانت عادتهم الاستعجال بما يهددون به استهزاء، كلما ورد عليهم تهديد، سبب عن ذلك الإنكار عليهم على وجه تهديد آخر لهم فقال:{أفبعذابنا} أي على ما علم له من العظمة بإضافته إلينا