ومن آثر حرف الحلال على حرف النهي فقد تدسّى وحرم هدى الكتب وعلم الحكمة ومزيد التأبيد بما فاته من التزكية وتورط فيه من التدسية والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. ثم قال فيما به تحصل قراءته: اعلم أن الإنسان لما كان جامعاً كان بكل شيء منتفعاً أما في حال السعة فمع استثناء أشياء يسيرة مما يضره من جهة نفسه أو غيره أو ربه على ما ذكر في الفصل الأول أي حرف الحرام {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً}[البقرة: ٢٩]{قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً}[الأنعام: ١٤٥] الآية: وأما في حال الضرورة فبغير استثناء البتة {فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه}[البقرة: ١٧٣] ؛ {فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم}[المائدة: ٣] ؛ والذي تحصل به قراءة هذا الحرف أما من جهة القلب فمعرفة حكمة الله في المتناول من مخلوقاته ومعرفة أخص منافعها مما خلقه، ليكون غذاء في سعة أو ضرورة وإداماً أو فاكهة أو دواء كذلك؛ ومعرفة موازنة ما بين الانتفاع بالشيء ومضرته واستعماله على حكم الأغلب من منفعته، أو اجتنابه على حكم الأغلب من مضرته {قل فيهما إثم كبير ومنافع