ولما أبوا إلا إلف وهاد التقليد فدنوا عن السمو إلى عداد أولي العلم بالنظر السديد أنكر عليهم سبحانه وتعالى ذلك فقال مبكتاً لهم:{أولو} أي أيتبعون أباءهم والحال أنه {كان آباؤهم لا يعقلون} ببصائر قلوبهم {شيئاً} من الأشياء المعقولة {ولا يهتدون *} بأبصار عيونهم إلى شيء من الأشياء المحسوسة.
ولما كان التقدير: فمثلهم حينئذ كمن تبع أعمى في طريق وعر خفي في فلوات شاسعة كثيرة الخطر عطف عليه ما يرشد إلى تقديره من قوله منبهاً على أنهم صاروا بهذا كالبهائم بل أضل لأنها وإن كانت لا تعقل فهي تسمع وتبصر فتهتدي إلى منافعها {ومثل} وبين الوصف الذي حملهم على هذا الجهل بقوله: {الذين كفروا} أي ستروا ما يعلمون من عظمة الله سبحانه وتعالى وقدرته وعلمه وحكمته بما عندهم من الهوى في أنهم لا يسمعون من الدعاء إلا جرس النغمة ودوي الصوت من غير إلقاء أذهان ولا استبصار {كمثل}