آخرها، وما أحسن التعبير هنا باللب الذي هو خلاصة الشيء لأن السياق للإخلاص، قال الرازي في اللوامع: قال الإمام محمد بن علي الترمذي: خلق الله تعالى الأشياء مسخرة للآدمي، وخلق الآدمي للخدمة، ووضع فيه أنواره ليخرج الخدمة لله تعالى من باطنه بالحاجة، فالآدمي مندوب إلى العلم بالله تعالى وبأوامره حسب ما خلق له، والخدمة والقنوت بقلبك بين يديه ماثلاً منتصباً محقاً مبادراً مسارعاً سائقاً مركبك في جميع أمورك بالحب له، وعلم الخدمة علم البساطين: بساط القدرة وبساط العبودة فإذا طالعت بساط القدرة بعقل وافر وهو أن تعرف نفسك وتركيبك من روحاني وجسماني، وطالعت بساط العبودة بكياسة تامة أدركت تدبيره في العبودة وباطن أمره ونهيه وعلل التحريم والتحليل، وبسط الله بساط الربوبية من باب القدرة، وبسط بساط العبودة من باب العظمة، ثم كان آخر خلقه سبحانه هذا الإنسان الذي بسط له هذين البساطين، وجمع فيه العالمين، وزاد على ما فيهما من قبول الأمر اختياراً وطوعاً، وكل شيء أعطاك إنما أعطاك لتبرزه إلى جوارحك، وتستعمله فيما خلق له، فلو لم يعطك منك لم يطلب منك، فلا تطلب الزكاة ممن لا مال له، ولا الصلاة قياماً ممن لا رجل له.