وتبصر ولكنها لكونها لا تعقل لا ترجع بالكلام لأنها لا تسمع إلا ظاهر الصوت ولا تفهم ما تحته بل بالحجر والعصا، فإن الراعي إذا أراد رجوعها عن ناحية صاح بها ورمى بحجر إلى ما أمامها فترجع، فهي محل مثلهم الذي هو عدم الإدراك، والبهم في كونها لا ترجع بالنداء بل بقارع كالأصم الأبكم الأعمى الذي لا يرجع إلا بقارع يصكه في وجهه فينكص على عقبه فهو محل مثلها، وداعيهم في كونه يتكلم فلا يؤثر كلامه مع المبالغة فيه كراعي البهم فهو موضع مثله، وراعي البهم من حيث إن بهمه لا ترجع إلا بضربة بالحجر أو غيره كالسوط الذي يقمع به الأصم أو كضارب الأصم المذكور فهو محل مثله؛ فلذلك كانت نتيجة التمثيل قوله:{صم} أي لا يسمعون {بكم} أي لا ينطقون {عمي} أي لا يبصرون، وقد علم بهذا أن الآية من الاحتباك حذف من الأول مثل الداعي لدلالة الناعق عليه ومن الثاني المنعوق به لدلالة المدعوين عليه. ولما كان موجود إدراك العقل هو حقائق المحسوسات وقد نفى عنهم الحس المدرك للمحسوسات ترتب عليه قوله