ذلك المانع، تنبيهاً على أن مثل هذا ليس عذراً في التقصير كما قيل:
وإذا نبا بك منزل فتحول ... فقال:{وأرض الله} أي الذي له الملك كله والعظمة الشاملة {واسعة} ووجوده بعلمه وقدرته في كل أرض على حد سواء، فالمتقيد بمكان منها ضعيف العزم واهن اليقين، فلا عذر للمفرط في الإحسان بعدم الهجرة.
ولما كان الصبر على هجرة الوطن ولا سيما إن كان ثّم أهل وعشيرة شديداً جداً، ذكر ما للصابر على ذلك لمن تشوف إلى السؤال عنه فقال:{إنما يوفى} أي التوفية العظمية {الصابرون} أي على ما تكرهه النفوس في مخالفة الهوى واتباع أوامر الملك الأعلى من الهجرة وغيرها {أجرهم بغير حساب *} أي على وجه من الكثرة لا يمكن في العادة حسبانه، وذلك لأن الجزاء من جنس العمل، وكل عمل يمكن عده وحصره إلا الصبر فإنه دائم مع الأنفاس، وهو معنى من المعاني الباطنة لا يطلع خلق على مقداره في قوته وضعفه وشدته ولينه لأنه مع خفائه يتفاوت مقداره، وتتعاظم آثاره، بحسب الهمم في علوها وسفولها، وسموها ونزولها، ويجوز أن يكون المعنى أن من كمل صبره بما أشارت إليه لام الكمال - لم يكن عليه حساب، لما رواه البزار وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاءت امرأة