للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعدم تدبير، بين ما لأضدادهم، فقال صارفاً القول عن الاسم الأعظم إلى وصف الإحسان إشارة إلى كرم المتقين بما لهم من إصالة الرأي التي أوجبت خوفهم مع تذكر الإحسان ليدل على أن خوفهم عند تذكر الانتقام أولى: {لكن الذين اتقوا ربهم} أي جعلوا بينهم وبين سخط المحسن إليهم وقاية في كل حركة وسكنة، فلم يفعلوا شيئاً من ذلك إلا بنظر يدلهم على رضاه {لهم غرف} أي علالي من الجنة يسكنونها في نظير ظلل الكفار. ولما كانت الغرف في قرار تقر به العيون لم يقل «من فوقهم» كما قال في أهل النار وقال: {من فوقها غرف} أي شديدة العلو. ولما كان ربما ظن أن الطبقة الثانية السماء، لأن الغرفة أصلها العالي، ولذلك سميت السماء السابعة غرفة، وأن تكون الغرفة مثل ظلل النار ليس لها قرار، قال تحقيقاً للحقيقة مفرداً كما هو المطرد في وصف جمع الكثرة لما يعقل: {مبنية} . ولما كانت المنازل لا تطيب إلا بالماء، وكان الجاري أشرف وأحسن قال: {تجري من تحتها} أي الغرف من الطبقة السفلى والطبقة العليا من غير تفاوت بين العلو والسفل، لأن القدرة صالحة لأكثر من ذلك {الأنهار} .

ولما ذكر يوم القيامة وما يكون فيه، بين أنه أمر لا بد منه بقوله، راداً السياق إلى الاسم الأعظم الذي لا يتصور مع استحضار ما له من الجلال إخلاف: {وعد الله} مؤكداً لمضمون الجملة بصيغة المصدر

<<  <  ج: ص:  >  >>