بالأكل مما في الأرض ونهى عن اتباع خطوات الشيطان، وأشعر الخطاب بأنهم ممن يتوجه الشيطان نحوهم للأمر بالسوء والفحشاء والقول بالهوى، وأمر الذين آمنوا بالأكل {من طيبات} فأعرض في خطابهم عن ذكر الأرض لتناولهم الرزق من السماء، فإن أدنى الإيمان عبادة من في السماء واسترزاق من في السماء كما قال للسوداء:
«أين الله؟ قالت: في السماء، قال: أعتقها فإنها مؤمنة» قال سبحانه وتعالى: {وفي السماء رزقكم}[الذاريات: ٢٢] ، فأطعم الأرضيين وهم الناس مما في الأرض وأطعم السماويين وهم الذين آمنوا من رزق السماء كذلك، وخص هذا الخطاب بلفظ الحلال لما كان آخذاً رزقه من السماء متناولاً طيبة لبراءته من حال مما في الأرض مما شأنه ضر في ظاهر أو أذى في باطن، ولذلك «ولو كانت الدنيا دماً عبيطاً لكان قوت المؤمن منها حلالاً» ، فالمسترزق من السماء يصير المحرم له حلالاً لأخذه منه عند الضرورة تقوتاً لا تشهّياً، ويصير الحلال له طيباً لاقتناعه منه