من تصفية دار الكدر عن الأكدار، وقرارة الدنس عن الأقذاء والأقذار، فإن الدوام فيها محال على حال من الأحوال، قال القشيري: نعاه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونعى المسلمين إليهم ففرغوا بأنفسهم عن مأتمهم، ولا تعزية في العادة بعد ثلاث، ومن لم يتفرغ عن مأتم نفسه وأنواع غمومه وهمومه، فليس له من هذا الحديث شمة، وإذا فرغ قلب عن حديث نفسه وعن الكون بجملته، فحينئذ يجد الخير من ربه وليس هذا الحديث إلا بعد فنائهم عنهم، وأنشد بعضهم يعني في لسان الحال بما قدمنا:
كتبت إليكم بعد موتي بليلة ... ولم أدر أني بعد موتي أكتب
انتهى. ومن المعلوم أنهم إذا أماتوا نفوسهم حييت أرواحهم فانفسحت صدورهم وانتعشت قوى قلوبهم فاتسعت علومهم واستنارت فهومهم وتجلت لهم حقائق الأمور فحدثوا عن مشاهدة {الناس نيام} فإذا ماتوا انتبهوا.
ولما أخبر سبحانه بأنهم جعلوا لله أنداداً، وأعلم بأنهم كذبة في ذلك كافرون ساترون للحق، وأنه لا يهدي من هو كاذب كفار، وأخبر أنه لا بد من خصام الداعي لهم بين يديه سبحانه، لآنه لا يجوز