لا تتم إلا بتمام العلم قال:{عالم الغيب والشهادة} أي ما لا يصح علمه للخلق وما يصح.
ولما كان غيره سبحانه لا يمكن له ذلك، حسن التخصيص في قوله:{أنت} أي وحدك {تحكم بين عبادك} أي أنا وهم وغيرنا في الدنيا والآخرة لا محيص عن ذلك ولا يصح في الحكمة سواه كما أن كل أحد يحكم بين عبيده ومن تحت أمره لا يسوغ في رأيه غير ذلك {في ما كانوا} أي دائماً بما اقتضته جبلاتهم التي جبلتهم عليها {فيه يختلفون *} وأما غيرك فإنه لا يعلم جميع ما يفعلون، فلا يقدر على الحكم بينهم، وأما غير ما هم عريقون في الاختلاف فيه فلا يحكم بينهم فيه لأنه أما ما هيؤوا بفطرهم السليمة وعقولهم القويمة للاتفاق عليه فهو الحق وأما ما يعرض لهم الاختلاف فيه لا على سبيل القصد أو بقصد غير ثابت فهو مما تذهبه الحسنات فعرف أن تقديم الظرف إنما وهو للاختصاص لا الفاصلة.
ولما كان التقدير: فيعذب الظالمين فلو علموا ذلك لما ظنوا بادعائهم له سبحانه ولداً وشركاء يقربونهم إليه زلفى منهم بجلاله ونزاهته عما ادعوه له وكماله، عطف عليه تهويلاً للأمر قوله:{ولو أن} وكان الأصل: لهم - ولكنه قال تعميماً وتعليقاً بالوصف:{للذين ظلموا} أي وقعوا