ولما كان هذا شديداً على النفس، رغب فيه بقوله مظهراً صفة الإحسان موضع الإضمار:{من ربكم} أي الذي لم يزل يحسن إليكم وأنتم تبارزونه بالعظائم. ولما كان من النفوس ما هو كالبهائم لا ينقاد إلا بالضرب، قال منبهاً أيضاً علة رفقه بإثبات الجار:{من قبل أن يأتيكم} أي على ما بكم من العجز عن الدفاع {العذاب} أي الأمر الذي يزيل ما يعذب ويحلو لكم في الدنيا أو في الآخرة.
ولما كان الأخذ على غرة أصعب على النفوس قال:{بغتة} ولما كان الإنسان قد يشعر بالشيء مرة ثم ينساه فيباغته، نفى ذلك بقوله:{وأنتم لا تشعرون *} أي ليس عندكم شعور بإتيانه لا في حال إتيانه ولا قبله بوجه من الوجوه لفرط غفلتكم، ليكون افظع ما يكون على النفس لشدة مخالفته لما هو مستقر فيها وهي متوطنة عليه من ضده.
ولما كان للإنسان عند وقوع الخسران أقوال وأحوال لو تخيلها قبل هجومه لحسب حسابه فباعد أسبابه. علل الإقبال على الاتباع بغاية الجهد والنزاع فقال:{أن} أي كراهة أن {تقول} ولما كان الموقع للإنسان في النقصان إنما هو حظوظه وشهواته المخالفة لعقله، عبر بقوله:{نفس} أي عند وقوع العذاب لها، وإفرادها وتنكيرها كاف في الوعيد لأن كل أحد يجوز أن يكون هو المراد {يا حسرتى} والتحسر: الاغتمام على ما فات والتندم عليه، وألحق الألف بدلاً من الياء