والبهتان، أتبعه التمني الذي لا يفيد غير الخسران، فقال:{أو تقول} أي تلك النفس المفرطة {حين ترى العذاب} أي الذي هاجمها للرحمة أو النقمة: {لو أن} أي يا ليت {لي كرة} أي رجعة إلى دار العمل لأتمكن منه {فأكون} أي فيتسبب عن رجوعي إليها أن أكون {من المحسنين *} أي العاملين بالإحسان الذي دعا إليه القرآن، هذا الإعراب - وهو عطفه على الجواب - أوفق لبقية الآيات التي من سلكه.
ولما حذر سبحانه بما يكون للمأخوذ من سيىء الأحوال وفظيع الأهوال، وكان معنى ما تقدم من كذبه وتمنيه أنه ما جاءني بيان ولا كان لي وقت أتمكن فيه من العمل، قال تعالى مكذباً له:{بلى} أي قد كان لك الأمران كلاهما {قد جاءتك} ولفت القول إلى التكلم مع تجريد الضمير عن مظهر العظمة لما تقدم من موجبات استحضارها إعلاماً بتناهي الغضب بعد لفته إلى تذكير النفس المخاطبة المشير إلى أنها فعلت في العصيان فعل الأقوياء الشداد من التكذيب والكبر مع القدرة في الظاهر على تأمل الآيات، واستيضاح الدلالات، والمشي على طرق الهدايات بعد ما أشار تأنيثها إلى ضعفها عن حمل العذاب وغلبة النقائص لها فقال:{آياتي} على عظمتها في البيان الذي ليس مثله بيان في وقت كنت فيه متمكناً من العمل بالجنان واللسان والأركان