ولذلك لما ذكرهما صرح في أمرهما بما لا يحتمل غيره {ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون} الثالثة لابتدائهم بعد البعث بالهول الشديد، والحال يقتضيه لأن ذلك اليوم يوم الأهوال والارعاب والارهاب، وإظهار العظمة والجلال لتقطيع الأسباب، والذي يدل عليه في هذا الحديث قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في كثير من رواياته:«فإن الناس يصعقون يوم القيامة» فإن يوم القيامة اسم للوقت الذي أوله البعث وآخره تكامل دخول كل فريق إلى داره ومحل استقراره، وأما صعقة الموت فإنها في دار الدنيا وهي للإنامة لا للإقامة، ويضعف حمله على ما قبل البعث الروايات الصحيحة الجازمة بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أول من تنشق عنه الأرض، وما حكاه الكرماني من الإجماع على ذلك ولا فخر فيه إلا بحصول البعث لا بإظهار الجسد من غير بعث، فهذا الجزم ينافي ذلك الشك، فإذا كان المراد بما في الحديث الغشي كانت نفخة أخرى للإيقاظ منه، وهاتان المرادتان بما في هذه السورة كما في رواية السورة كما في رواية الترمذي وما في النمل، ولذلك عبر عنها بالفزع، ويؤيد ذلك التعبير في رواية البخاري في التفسير بالنفخة الآخرة، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أوتي