حياة الأشباح بالأرواح {من أمره} أي من كلامه، ولا شك أن الذي يلقي ليس الكلام النفسي وإنما هو ما يدل عليه، وهو الذي يقبل النزول والتلاوة والكتابة ونحو ذلك. ولما كان أمره عالياً على كل أمر، أشار إلى ذلك بأداة الاستعلاء فقال:{على من يشاء} ولما كان ما رأوه من الملوك لا يتمكنون من رفع كل من أرادوا من رقيقهم، نبه على عظمته بقوله:{من عباده} وأشار بذلك مع الإشارة إلى أنه مطلق الأمر لا يسوغ لأحد الاعتراض عليه، ولو اعترض كان اعتراضه أقل من أن يلتفت إليه أو يعول بحال عليه إلى توهية قولهم {أو أنزل عليه الذكر من بيننا}[ص: ٨] بأنه عليه السلام المخلص في عباده لم يمل إلى شيء من أوثانهم ساعة ما ولا صرف لحظة عن الإله الحق طرفة عين، فلذلك اختصه من بينهم بهذا الروح الذي لا روح في الوجود سواه، فمن أقبل عليه وأخلص في تلاوته والعمل بما يدعو إليه والبعد عما ينهى عنه صار ذا روح موات يحيي الأموات ويزري بالنيرات. قال الرازي: قال ابن عطاء: حياة القلب على حسب ما ألقي إليه من الروح، فمنهم من ألقي إليه روح الرسالة، ومنهم من ألقي إليه روح النبوة، ومنهم من ألقي إليه روح الصديقية والكشف والمشاهدة، ومنهم من ألقي إليه روح العلم والمعرفة، ومنهم من ألقي إليه روح العبادة