والمؤمنين والكافرين {فلا يجزى} أي من الملك الذي لا ملك سواه {إلا مثلها} عدلاً لا يزاد عليها مقدار ذرة ولا أصغر منها ويدخل النار إن لم يكن له ما يكفرها، فهذا هو الملك الذي ينبغي الإقبال على خدمته لكونه الحكم العدل القادر على الجزاء والمساواة في الجزاء، فالكافر لما كان على عزم إدامه الكفر كان عذابه دائماً والفاسق لما كان على نية التوبة لاعتقاده أنه في معصية وشر كان عذابه منقطعاً، والآية على عمومها، وما خرج منها بدليل كان مخصوصاً فيخرج عليها جميع باب الجنايات وغيره، ومن قال: إنها في شيء معين، لزمه أن تكون مجملة، لأن ذاك المعين غير مذكور، والتخصيص أولى من الإجمال كما قال أهل الأصول.
ولما بين العدل في العقاب، بين الفضل في الثواب، تنبيهاً على أن الرحمة سبقت الغضب فقال:{ومن عمل صالحاً} أي ولو قل. ولما كان من يعهدون من الملوك إنما يستعملون الأقوياء لاحتياجهم، بين أنه على غير ذلك لأنه لا حاجة به أصلاً فقال:{من ذكر أو أنثى} ولما كان العمل لا يصح بدون الإيمان قال مبيناً شرطه: {وهو} أي عمل والحال أنه {مؤمن} ولما كان في مقام الترغيب في عدله وجوده وفضله، جعل الجزاء مسبباً عن الأعمال فقال:{فأولئك}