للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تنبيهاً على أن ذلك من جليل التدبير {ولئن أذقناه} أي الإنسان الذي غلبت عليه حالة الأنس بنفسه حتى أسفلته عن أبناء جنسه إلى رتبة الحيوانات العجم بل دونها.

ولما أخبر آخر الآية السالفة عن حاله عند الشر، قدم هنا ضده على صلته اهتماماً به بخلاف ما في سورة هود عليه السلام فقال: {رحمة منا} أي نعمة عظيمة دلت على إكرامه من جهة لا يرجوها، وهو من فائدة التعبير بأداة الشك، ودل بإثبات الجار على انفصالها عن الضر مع قرب زمانها منه ليكون قد جمع مباشرة الأحوال الثلاث: الانتقام والإكرام وما بينهما من الوسط الذي بين حالتي الرضا والسخط، ثم شرع بيان ذلك فقال: {من بعد ضراء} أي محنة وشدة عظيمة {مسته} فطال بروكها عليه؛ وأجاب القسم لتقدمه على الشرط بقوله: {ليقولن} بمجرد ذوق تلك الرحمة على أنها ربما كانت بلاء عظيماً لكونها استدراجاً إلى الهلاك: {هذا} أي الأمر العظيم {لي} أي مختص بي لما لي من الفضل، لا مشاركة لأحد معي فيه مع أنه ثابت لا يتغير انتقالاً من حالة اليأس إلى حالة الأمن والبطر والكبر والأشر على قرب الزمن من ذوق المحن وينسى أنها من فضل الله ليقيدها بشكرها،

<<  <  ج: ص:  >  >>