وهو يتوقعه، فقال معبراً في جانب الشر بأداة التحقيق على غير عادة القرآن في الأغلب، ليدل على أنه لزيادة جهله على الحد يلزم الكبر وإن كان يتوقع الشر ولا يزال حاله حال الآمن إلى أن يخالطه وحينئذ تنحل عراه وتضمحل قوله:{وإذا مسه الشر} أي هذا النوع قليله وكثيره لانتقامنا منه، فالآية من الاحتباك: ذكر الإنعام أولاً دليلاً الانتقام ثانياً وذكر الشر ثانياً دليل الخير أولاً، وسره تعليم الأدب بنسبة الإنعام دون الشر إليه وإن كان الكل منه.
ولما كان تعظيم العرض دالاً على عظمة الطول، قال معبراً بما يدل على الملازمة والدوام:{فذو دعاء} أي في كشفه، وربما كان نعمة باطنة وهو لا يشعر ولا يدعو إلا عند المس، وقد كان ينبغي له أن يشرع في الدعاء عند التوقع بل قبله تعرفاً إلى الله تعالى في الرخاء ليعرفه في الشدة وهو خلق شريف لا يعرفه إلا أفراد خصهم الله بلطفه، فدل تركه على عدم شره لما مضى وخفة عقله لما يأتي ومفاجأته للزوم الدعاء عند المس على عدم صبره وتلاشي جلده وقله حيائه {عريض *} أي مديد العرض جداً، وأما طوله فلا تسأل عنه، وهذا كناية عن النهاية في الكثرة.