{ثم كفرتم به} أي بعد إمعان النظر فيه والتحقق لأنه حق، فكنتم بذلك في شقاق هو في غاية البعد من الملائمة لمن لم يزل يستعطفكم بجميل أفعاله، ويردكم بجليل أقواله وآمن به غيركم لأنه من عند الله {من أضل} منكم - هكذا كان الأصل ولكنه قال:{ممن هو في شقاق} أي لأولياء الله {بعيد *} تنبيهاً على أنهم صاروا كذلك، وأن من صار كذلك فقد عرض نفسه لسطوات الله وتعالى التي من واقعته هلك لا محالة، ومن أهدى ممن هو في إسلام قريب وهو الذي آمن لأنه سالم الله الذي من سالمه سالمه كل شيء، فنجا من كل خطر - فالآية من الاحتباك: ذكر الكفر أولاً دليلاً على الإيمان ثانياً، والضلال ثانياً دليلاً على الهدى أولاً، وسره أن ذكر المضار أصدع للقلب فهو أنفع في الوعظ.
ولما كان هذا محزناً للشفوق عليهم لإفهامه لشدة بعدهم عن الرجوع، قال منبهاً على أنه إذا أراد سبحانه قرب ذلك منهم غاية القرب لافتاً القول إلى مظهر العظمة إيذاناً بسهولة ذلك عليه:{سنريهم} أي عن قرب بوعد لا خلف فيه {آياتنا} أي على ما لها من العظمة