وتبعد عمن أقبل عليها حتى تهلكه في مهاويها، والآخرة تقبل على من أقبل عليها أضعاف إقباله، وتنادي من أدبر عنها لينتهي عن غيه وضلاله، قال الرازي في اللوامع: أهل الإرادة على أصناف: مريد للدنيا ومريد للآخرة ومريد للحق جل وعلا، وعلامة إرادة الدنيا أن يرضى في زيادة دنياه بنقص دينه والإعراض عن فقراء المسلمين وأن تكون حاجاته في الدعاء مقصورة على الدنيا، وعلامة إرادة الآخرة بعكس ذلك، وأما علامة إرادة الله سبحانه وتعالى كما قال {ويريدون وجهه} طرح الكونين والحرية عن الخلق والخلاص من يد النفس - انتهى، وحاصله أن يستغرق أوقاته في التوفية بحقوق الحق وحقوق الخلق وتزكية النفس لا طمعاً في جنة ولا خوفاً من نار، بل امتثالاً لأمر الملك الأعلى الذي لا إله غيره لأنه أهل لذلك مع اعترافه لأنه لن يقدر الله حق قدره.