لما عنده من الروح الأمري بإفادة أن هذا الكتاب الذي أبكم الفصحاء وأعجز البلغاء وحير الألباب من الحكماء شعبة منه وذرة بارزة عنه، ويمكن أن يكون تنكير تعظيم وإجلال وتكريم {روحاً} أي من خالطه صار قلبه حياً ومن عري عنه كان قلبه ميتاً. وزاد عظمه بقوله:{من أمرنا} أي بجعله من قسم الأمر وإظهاره في مظهر العظمة فيا له من علو يتضاءل دونه كل شامخ ويتحاقر إكباراً له كل مادح، والمراد بهذا رد ما تقدم من نسبتهم له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى الإفتراء لأنه تعالى لم يختم على قلبه بل فتحه بيد القدرة وأحياه بروح الوحي فأنطقه بالحكم التي خضعت لها الحكماء، وأقرت بالعجز عن إدانتها ألباب العلماء، ودل على ذلك بقوله، نافياً مبيناً حاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل هذا الوحي:{ما كنت} أي فيما قبل الأربعين التي مضت لك وأنت بين ظهراني قومك مساوياً لهم في كونك لا تعلم شيئاً ولا تتفوه بشيء من ذلك وهو معنى {تدري} وعبر بأداة الاستفهام إشارة إلى أن ما بعدها مما يجب الاهتمام به والسؤال عنه، وعلق بجملة الاستفهام الدراية عن العمل وسدت مسد مفعولي الدراية {ما الكتاب} أي