عند سلامة القوى والآلات وهي التعقلات الفطرية، والثاني ما يكون مكتسباً، وهي التعقلات النظرية، ولا يكون من لوازم جوهر الإنسان لأنه حال الطفولية لم يكن عالماً البتة، فهذه الأنوار إنما حصلت بعد أن لم تكن فلا بد لها من سبب، والفطرة الإنسانية قد يعتريها الزيغ فلا بد من هاد ومرشد، ولا مرشد فوق كلام الله وأنبيائه، فتكون منزلة آيات القرآن عند عين العقل منزلة نور الشمس كما يسمى نور الشمس نوراً فنور القرآن يشبه نور الشمس ونور العقل يشبه نور العين، وبهذا يظهر معنى قوله تعالى:
{فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا}[التغابن: ٨]{قد جاءكم برهان من ربكم}{وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً}[النساء: ٧٤] وإذا ثبت أن بيان الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقوى من نور الشمس وجب أن تكون نفسه القدسية أعظم في النورانية من الشمس كما أن الشمس في عالم الأجسام تفيد النور لغيرها ولا تستفيد من غيرها فكذا نفس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تفيد الأنوار العقلية لسائر النفوس البشرية ولا تستفيد النور العقلي من شيء من النفوس البشرية، فلذلك وصف الله الشمس بأنها سراج، ووصف محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأنه سراج، ثم قال: ولمراتب الأنوار في