القلم: ٤٥] {هؤلاء} أي الذين بحضرتك من المشركين وأعداء الدين {وآباءهم} فمددت من الأعمار مع سلامة الأبدان ومتانة الأركان، وإسباغ النعم والإعفاء من البلايا والنقم، فأبطرتهم نعمي وأزهدتهم أيادي جودي وكرمي، وتمادى بهم ركوب ذلك الباطل {حتى جاءهم الحق} بهذا الدين المتين {ورسول مبين} أي أمره ظاهر في نفسه، لو لم تكن فيه آيات مبينة كانت بديهية تنبئك بالخبر وهو مع ظهوره في نفسه مظهر لكل معنىً يحتاج إليه، و {متعت} بالخطاب من لسان الرسول المنزل عليه هذا الكتاب لأنه يدعو انتهازاً للفرصة لعله يجاب بما يزيل الغصة يقول: يا رب! قد أقمتهم لمن يجهل العواقب في مقام من يرجى رجوعه فما قضيت بذلك بل متعت إلى آخره.
ولما كان التقدير: فلم يردهم التمتيع بإدرار النعم عليهم وإسراعنا بها إليهم مع وضوح الأمر لهم، بل كان الإنعام عليهم سبباً لبطرهم، وكان البطر سبباً لتماديهم على الاستعانة بنعمتنا على عصيان أمرنا وهم يدعون أنهم أتبع الناس للحق وأكفهم عن الباطل، عطف عليه قوله؛ {ولما جاءهم الحق} أي الكامل في حقيته بمطابقة الواقع إياه من غير إلباس ولا اشتباه، الظاهر في كماله لكل من له أدنى لب بما عليه القرآن من الإعجاز في نظمه، وما عليه ما يدعو إليه