ولما كان التقدير: فسوف تشرفون على سائر الملوك وتعلمون، عطف عليه قوله:{وسوف تسألون} أي تصيرون في سائر أنواع العلم محط رحال السائلين دنياً ودنيا بحيث يسألكم جميع أهل الأرض من أهل الكتاب ومن غيرهم عما يهمهم من أمر دينهم ودنياهم لما يعتقدون من أنه لا يوازيكم أحد في العلم بعد أن كنتم عندهم أحقر الأمم ضعفاً وجهلاً كما وقع لبني إسرائيل حيث رفعهم الله، وكان ذلك أبعد الأشياء عند فرعون وآله، ولذلك كانوا يتضاحكون استهزاء بتلك الآيات وينسبون الآتي بها إلى ما لا يليق بمنصبه العالي من المحالات، وتسألون عن حقه وأداء شكره وكيف كنتم في العمل به والاستجابة له، وهذا بوعد صادق لا خلف فيه أصلاً.
ولما أبطل سبحانه إلهية غيره التي أدى إليها الجهل، واستمر إلى أن ختم بالعلم الموجب لمعرفة الحق، فكان التقدير إبطالاً لشبهتهم الوهمية القائلة {لو شاء الرحمن ما عبدناهم} : فاستحضر جميع ما أوحى إليك وتأمله غاية التأمل، هل ترى فيه خفاء في الإلهية لشيء دون الله، عطف عليه قوله نفياً لدليل سمعي كما أشير إليه بقوله {أم آتيناهم كتاباً}{واسأل من أرسلنا} أي على ما لنا من العظمة. ولما كان الممكن تعرفه من آثار الرسل إنما هو لموسى وعيسى ومن بينهما من أنبياء بني