ما له يصدنا عن سبيل ربنا؟ ذكر العلة تحذيراً في قوله:{إنه لكم} أي عامة، وأكد الخبر لأن أفعال التابعين لكم أفعال من ينكر عداوته:{عدو مبين} أي واضح العداوة في نفسه مناد بها، وذلك بإبلاغه في عداوة أبيكم حتى أنزلكم بإنزاله عن محل الراحة إلى موضع النصب، عداوة ناشئة عن الحسد، فهي لا تنفك أبداً.
ولما قدم سبحانه أنه أنعم على عيسى عليه الصلاة والسلام وجعله مثلاً لبني إسرائيل، ولوح إلى اختلافهم وأن بعضهم نزل مثله على غير ما هو به، وحذر من اقتدى بهم في نحو ذلك الضلال، وأمر باتباع الهادي، ونهى عن اتباع المضل، صرح بما كان من حالهم حين أبرزه الله لهم على تلك الحالة الغريبة، فقال عاطفاً على ما تقدم تقديره بعد قوله تعالى {وجعلناه مثلاً} : {ولما جاء عيسى} أي إلى بني إسرائيل بعد موسى عليهما الصلاة والسلام: {بالبينات} أي من الآيات المسموعة والمرئية، {قال} منبهاً لهم: {قد جئتكم} ما يدلكم قطعاً على أنه آية من عند الله وكلمة منه أيضاً {بالحكمة} أي الأمر المحكم الذي لا يستطاع نقضه ولا يدفع إلا بالمعاندة لأخلصكم بذلك مما وقعتم فيه من الضلال.