المقام من الأهوال:{يا عباد} أي مقولاً لهم هذا، فخص بالإضافة إليه كما خصوه بالعبادة {لا خوف} أي بوجه من الوجوه {عليكم اليوم} أي في الآخرة مما يحويه ذلك اليوم العظيم من الأهوال والأمور الشداد والزلازل {ولا أنتم تحزنون} أي لا يتجدد لكم حزن على شيء فات في وقت من الأوقات الآتية لأنكم لا يفوتكم شيء تسرون به.
ولما ناداهم بما يطمع فيه سائر أهل الموقف لأن كل حزب يقولون: نحن عباده، خص المرادين بما يوئس غيرهم ولئلا يكون الوصف بالتقوى موقفاً لمن سمعه اليوم من الكفار عن الدخول وكانوا لا يستطيعون ذلك، فوصف سبحانه المتقين بما يهون الوصول إلى درجتهم على غيرهم فقال:{الذين آمنوا} أي أوجدوا هذه الحقيقة {بآياتنا} الظاهر عظمتها في نفسها أولاً وبنسبتها إلينا ثايناً {وكانوا} أي دائماً بما هو لهم كالجبلة والخلق {مسلمين} أي منقادين للأوامر والنواهي أتم انقياد، فبذلك يصلون إلى حقيقة التقوى التامة.