الإحكام في أحيانه في أقل من لمح البصر، ودل على أنه ليس مستغرقاً لما تحت قدرته سبحانه بإثبات الجار فقال:{من عندنا} أي من العاديات والخوارق وما وراءها.
ولما بين حال الفرقان الذي من جملته الإنذار، علله بقوله مؤكداً لما لهم من الإنكار:{إنا} أي بما لنا من أوصاف الكمال وكمال العظمة {كنا} أي أزلاً وأبداً {مرسلين *} أي لنا صفة الإرسال بالقدرة عليها في كل حين والإرسال لمصالح العباد، لا بد فيه من الفرقان بالبشارة والنذارة وغيرهما حتى لا يكون لبس، فلا يكون لأحد على الله حجة بعد الرسل، وهذا الكلام المنتظم والقول الملتحم بعضه ببعض، المتراصف أجمل رصف في وصف ليلة الإنزال دال على أنه لم تنزل صحيفة ولا كتاب إلا في هذه الليلة، فيدل على أنها ليلة القدر للأحاديث الواردة في أن الكتب كلها نزلت فيها كما بينته في كتابي «مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور» وكذا قوله في سورة القدر {تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر} فإن الوحي الذي هو مجمع ذلك هو روح الأمور الحكيمة، وبين سبحانه حال الرسالات