وكان تعالى قد قال ولا يخاطبهم إلا بما يعرفونه {وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه ترجعون}[البقرة: ٢٨] أي بالانتشار بعد الحياة وقال {أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}[غافر: ١١] قالوا: ما {هي إلا موتتنا} على حذف مضاف أي ما الحياة إلا حياة موتتنا {الأولى} أي التي كانت قبل نفخ الروح - كما سيأتي في الجاثية {إن هي إلا حياتنا الدنيا} وعبروا عنها بالموتة إشارة إلى أن الحياة في جنب الموت المؤبد على زعمهم أمر متلاش لا نسبة لها منه، وساق سبحانه كلامهم على هذا الوجه إشارة إلى أن الأمور إذا قيس غائبها على شاهدها، كان الإحياء بعد الموتة الثانية أولى لكونه بعد حياة من الإحياء بعد الموتة الأولى، فحط الأمر على أن الابتداء كان من موت لم يتقدمه حياة، والقرار يكون على حياة لا يعقبها موت.
ولما كان المعنى: وليس وراءها حياة، أكدوه بما يفهمه تصريحاً فقالوا برد ما أثبته الله على لسان رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: