للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولما ذكر الأمان، وكان أخوف ما يخاف أهل الدنيا الموت، قال: {لا يذوقون فيها} أي الجنة {الموت} أي لا يتجدد لهم أوائل استطعامه فكيف بما وراء ذلك. ولما كان المراد نفي ذلك على وجه يحصل معه القطع بالأمن على أعلى الوجوه، وكان الاستثناء معيار العموم، وكان من المعلوم أن ما كان في الدنيا من ذوق الموت الذي هو معنى من المعاني قد استحال عوده، قال معللاً معلقاً على هذا المحال: {إلا الموتة} ولما كان المعنى مع إسناد الذوق إليه لا يلبس لأن ما قبل نفخ الروح ليس مذوقاً، عبر بقوله: {الأولى} وقد أفهم التقييد بالظرف أن النار يذاق فيها الموت، والوصف بالأولى أن المذوق موتة ثانية، فكان كأنه قيل: لكن غير المتقين ممن كان عاصياً فيدخل النار فيذوق فيها موتة أخرى - كما جاء في الأحاديث الصحيحة، ويجوز أن يجعل وصف المتقين أعم من الراسخين وغيرهم، فيكون الحكم على المجموع، أي أن الكل لا يذوقون، وبعضهم - وهم من أراد الله من العصاة - يذوقونه في غيرها وهو النار، ويجوز أن تكون الموتة الأولى كانت في الجنة المجازية فلا يكون تعليقاً بمحال، وذلك أن المتقي لم يزل

<<  <  ج: ص:  >  >>