فمتى وجد سبب الشيء وانتفى مانعه وجد، ومتى وجد مانع الشيء وانتفى سببه انتفى، لا يتخلف ذلك أصلاً، ولذلك جملة ما وقع من خلقهما طابقه الواقع الذي هو قدرة الله وعلمه وحكمته وجميع ما له من صفات الكمال التي دل خلقهما عليها، فإذا كان الظرف على هذا الإحكام فما الظن بالمظروف الذي ما خلق الظرف إلا من أجله، هل يمكن في الحكمة أن يكون على غير ذلك فيكون الواقع الذي هو تفضيل المحسن على المسيء غير مطابق لأحوالهم، ومن جملة المظروف ما بينهما فلذا لم يذكر هنا، ولو كان ذلك من غير بعث ومجازاة بحسب الأعمال لما كان هذا الخلق العظيم بالحق بل بالباطل الذي تعالى عنه الحكيم فكيف وهو أحكم الحاكمين.
ولما كان التقدير: ليكون كل مسبب مطابقاً لأسبابه، عطف عليه قوله:{ولتجزى} بأيسر أمر {كل نفس} أي منكم ومن غيركم {بما} أي بسبب الأمر الذي. ولما كان السياق للعموم، وكان المؤمن لا يجزى إلا بما عمله على عمد منه وقصد ليكتب في أعماله،