{فيما إن} أي الذي ما {مكناكم فيه} من قوة الأبدان وكثرة الأموال وغيرها، وجعل النافي «أن» لأنها أبلغ من «ما» لأن «ما» تنفي تمام الفوت لتركبها من الميم والألف التي حقيقة إدراكها فوت تمام الإدراك و «أن» تنفي أدنى مظاهر مدخولها فكيف بما وراءه من تمامه لأن الهمزة أول مظهر لفوت الألف والنون لمطلق الإظهار - هذا إلى ما في ذلك من عذوبة اللفظ وصونه عن ثقل التكرار إلى غير ذلك من بدائع الأسرار.
ولما كانت قريش تفتخر بعقولها فربما ظنت أنها في العقل ومقدماته من الحواس أمكن منهم، وأنهم ما أتى عليهم إلا من عدم فهمهم، قال تعالى:{وجعلنا} أي جعلاً يليق بما «زدناهم عليكم» من المكنة على ما اقتضته عظمتنا {لهم سمعاً} بدأ به لأن المقام للإنذار المنبه بحاسة السمع على ما في الآيات المرئيات من المواعظ، فهو أنفع لأنه أوضح، ووحده لقلة التفاوت فيه {وأبصاراً} أي منبهة على ما في الآيات المرئيات من مطابقة واقعها لأخبار السمع،