ولما أخبروا بأنه منزل، أتبعوه ما يشهد له بالصحة فقالوا:{مصدقاً لم بين يديه} أي من جميع كتب بني إسرائيل الإنجيل وما قبله؛ ثم بينوا تصديقه بقولهم:{يهدي إلى الحق} أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع فلا يقدر أحد على إزالة شيء مما يخبر به، الكامل في جميع ذلك {وإلى طريق} موصل إلى المقصود الأعظم وهو الإيمان بمنزله {مستقيم *} فهو يوصل بغاية ما يمكن من السرعة، لا يمكن أن يكون فيه عوج، فيقدر السالك فيه على أن يختصر طريقاً يكون وتراً لما تقوس منه.
ولما أخبروهم بالكتاب وبينوا أنه من عند الله وأنه أقرب موصل إليه، فكان قومهم جديرين بأن يقولوا: فما الذي ينبغي أن نفعل؟ أجابوهم بقوله:{يا قومنا} الذين لهم قوة العلم والعمل {أجيبوا داعي الله} أي الملك الأعظم المحيط بصفات الجلال والجمال والكمال، فإن دعوة هذا الداعي عامة لجميع الخلق، فالإجابة واجبة على كل من بلغه أمره.
ولما كنا المجيب قد يجيب في شيء دون شيء كما كان أبو طالب عم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عطفوا في خطابهم لهم في الدعوة أن قالوا:{وآمنوا به} أي أوقعوا التصديق بسبب الداعي لا بسبب آخر، فإن