سبحانه أهل الحديبية فتح خيبر جبراً لهم بما منعهم من الاستيلاء على مكة المشرفة لما له في ذلك من الحكم البالغة الدقيقة، وختم بأنه نافذ الأمر، وكان ذلك مستلزماً لإحاطة العلم، دل على كلا الأمرين بقوله استئنافاً، جواباً لمن كأنه قال: هل يغفر للمخلفين حتى يكونوا كأنهم ما تخلفوا؟ :{سيقول} أي بوعد لا خلف فيه.
ولما كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحيث لا مطمع لأحد فى أن يظفر منه بشيء من خلاف الأمر الله، أسقط ما عبر به في ذكرهم أولاً من خطابه وقال:{المخلفون} أي لمن يطمعون فيه من الصحابة أن يسعى في تمكينهم من المسير في جيشه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لخفاء الحكم عليه ونحو ذلك، ولم يقيدهم بالأعراب ليعم كل من كان يتخلف من غيرهم {إذا انطلقتم} بتمكين الله لكم {إلى مغانم} .
ولما أفهم اللفظ الأخذ، والتعبير بصيغة منتهى الجموع كثرتها، صرح بالأول رفعاً للمجاز فقال:{لتأخذوها} أي من خيبر {ذرونا} أي على أي حالة شئتم من الأحوال الدنية {نتبعكم} ولما كان يلزم من تمكينهم من ذلك إخلاف وعد الله بأنها تخص أهل الحديبية، وأنه طرد المنافقين وخيب قصدهم، علل تعالى قولهم بقوله:{يريدون} أي بذهابكم معكم {أن يبدلوا كلام الله} أي المحيط بكل شيء قدرة