للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القتال تصريحاً، وقد تقدم في القتال نبذة من أسرار الكلمتين. ولما ذكر الرسول ذكر المرسل إليهم فقال تعالى: {والذين معه} أي بمعية الصحبة من أصحابه وحسن التبعية من التابعين لهم بإحسان: ولما كان شرف القوم شرفاً لرئيسهم، مدحهم بما يشمله فقال تعالى: {أشداء على الكفار} فهم لا تأخذهم بهم رأفة بل هم معهم كالأسد على فريسته، لأن الله أمرهم بالغلظة عليهم {رحماء بينهم} كالوالد مع الولد، لأن الله تعالى أمرهم باللين للمؤمنين، ولا مؤمن في زمانهم إلا من كان من أهل دينهم، فهو يحبهم ويحبونه بشهادة آية المائدة.

ولما كان هذا بخلاف ما وصفت به الأمم الماضية من أنهم ما اختلفوا إلا من بعدما جاءهم العلم بغياً بينهم، فكان عجباً، بين الحامل عليه بقوله: {تراهم} أي أيها الناظر لهم {ركعاً سجداً} أي دائمي الخضوع فأكثر أوقاتهم صلاة قد غلبت صفة الملائكة على صفاتهم الحيوانية، فكانت الصلاة آمرة لهم بالخير مصفية عن كل نقص وضير.

ولما كانت الصلاة مما يدخله الرياء، بين إخلاصهم بقوله: {يبتغون} أي يطلبون بذلك وغيره من جميع أحوالهم بغاية جهدهم وتغليباً لعقولهم على شهواتهم وحظوظهم {فضلاً} أي زيادة في الخير {من الله} أي الذي له الإحاطة بصفات الكمال والجمال الذي أعطاهم ملكة الغلظة على الكفار بما وهبهم من جلاله والرقة على أوليائه بما أعطاهم من

<<  <  ج: ص:  >  >>