الآية التي أظهر الله سبحانه وتعالى الرفق فيها بهذه الأمة من حيث شرع لها ما يوافق كيانها وصرف عنها ما علم أنها تختان فيه لما جبلت عليه من خلافه، وكذلك حال الآمر إذا شاء أن يطيعه مأموره يأمره بالأمور التي لو ترك ودواعيه لفعلها وينهاه عن الأشياء التي لو ترك ودواعيه لاجتنبها، فبذلك يكون حظ حفظ المأمور من المخالفة، وإذا شاء الله تعالى أن يشدد على أمة أمرها بما جبلها على تركه ونهاها عما جبلها على فعله، فتفشوا فيها المخالفة لذلك، وهو من أشد الآصار التي كانت على الأمم فخفف عن هذه الأمة بإجراء شرعتها على ما يوافق خلقتها، فسارع سبحانه وتعالى لهم إلى حظ من هواهم، كما قالت عائشة رضي الله تعالى عنها للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«إن ربك يسارع إلى هواك» ليكون لهم حظ مما لنبيهم كليته، وكما قال عليه الصلاة والسلام لعلي رضي الله تعالى عنه:
«اللهم! أدر الحق معه حيث دار» كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأمر الشجاع بالحرب ويكف الجبان عنه، حتى لا تظهر فيمن معه مخالفة إلا عن سوء