كلمة التقوى عند الآية الثانية لهذه، بشرهم سبحانه بما في هذه السورة من البشائر الظاهرة تصريحاً وبما في هذه الآية الخاتمة من جمعها لجميع حروف المعجم تلويحاً إلى أن أمرهم لا بد من تمامه، واشتداد سلكه وانبرامه، واتساق شأنه وانتظامه، وخفوق ألويته وأعلامه، وافتتحها بميم «محمد» وهي مضمومة، وختمها بميم «عظيماً» المنصوبة إشارة بما للميم من الختام بمخرجها إلى أن تمام الأمر قد دنا جداً إبانه، وحضر زمانه، وبما في أولها من الضم إلى رفعة دائمة في حمد كثير، وبما في آخرها من النصب إلى تمام الفتح وانتشاره، وقربه واشتهاره، على وجه عظيم، وشرف في علو جسيم، وأومأ تدويرها إلى أنه أمر لا انتهاء له، بل كلما ختم ابتدأ، وقد ظهر من هذا وما في صريح الآية من القوة المعزة للمؤمنين المذلة للكافرين رد مقطعها على مطلعها بالفتح للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتسكين العظيم لأصحابه رضي الله عنهم، والرحمة والمغفرة والفوز العظيم لجميع أتباعه وأنصاره وأشياعه رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وجعلنا بمنه وكرمه منهم، وهذا آخر القسم الأول من القرآن، وهو المطول، وقد ختم - كما ترى - بسورتين هما في الحقيقة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وحاصلهما الفتح له بالسيف