ثم علل ذلك مثيراً إلى أن العاقل من يكف نفسه عن أدنى احتمال من الضرر احتمالاً مؤكداً لأن أفعال الناس عند الظنون أفعال من هو جازم بأنه بريء من الإثم:{إن بعض الظن إثم} أي ذنب يوصل صاحبه لاستحقاق العقوبة كالظن في أصول الدين، وحيث يخالفه قاطع، قال الزمخشري رحمه الله تعالى: الهمزة في الإثم عن الواو وكأنه يثم الأعمال أي يكسرها بإحباطه.
ولما نهى عن اتباع الظن، أتبعه ما يتفرع عنه فقال:{ولا تجسسوا} أي تمعنوا في البحث عن العورات ولا يكون ذلك إلا في المستورين.
ولما كانت الغيبة أعم من التجسس، قال:{ولا يغتب} أي يتعمد أن يذكر {بعضكم بعضاً} في غيبته بما يكره، قال القشيري: وليس تحصل الغيبة من الخلق إلا بالغيبة عن الحق، وقال أبو حيان: قال ابن عباس رضي الله عنهما: الغيبة إدام كلاب الناس.
ولما كان تمزيق عرض الناس كتمزيق أديمهم ولا يكون ذلك ساتر عظمة الذي به قوامه كما أن عرضه ساتر عليه، وكونه لا يرد عن نفسه بسبب غيبته كموته وأعمال الفم والجوف في ذلك كله،