لكونه غاية لما أحل لكم فصوموا أي أمسكوا عن المفطر {ثم أتموا} ذلك {الصيام إلى الليل} والتعبير بثم إشارة إلى بعد ما بين طرفي الزمان الذي أحل فيه المفطر. وقال الحرالي: فكان صوم النهار إتماماً لبدء من صوم ليلة فكأنه في الليل صوم ليس بتام لانثلامه للحس وإن كان في المعنى صوماً، ومن معناه رأى بعض العلماء الشروع في الاعتكاف قبل الغروب لوجه مدخل الليل في الصوم التام بالعكوف وإضافة الليل للنهار في حكم صوم ما وهو في النهار تمام بالمعنى والحس، وإنما ألزم بإتمام الصوم نهاراً واعتد به ليلاً وجرى فيه الأكل والنكاح بالأمر لأن النهار معاش فكان الأكل فيه أكلاً في وقت انتشار الخلق وتعاطي بعضهم من بعض فيأنف عنه المرتقب، ولأن الليل سبات ووقت توف وانطماس، فبدأ فيه من أمر الله ما انحجب ظهوره في النهار، كأن المُطعم بالليل طاعم من ربه الذي هو وقت تجليه «ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا» فكأن الطاعم في الليل إنما أطعمه الله وسقاه، فلم يقدح ذلك في معنى صومه