المساجد، لأنه إذا حرم تعظيماً لما هي سبب لحرمته ومصححة له كانت حرمته تعظيماً لها لنفسها أولى، أو يقال وهو أحسن: لما كان معنى العكوف مطلق الحبس قيده بالمسجد ليفهم خصوص الاعتكاف الذي هو الحبس عبادة، فصار كأنه قال: وأنتم معتكفون، هذا معنى المبتدأ والخبر وما تعلق به، وكأنه جرّد الفعل ليشمل ما إذا كان اللبث في المسجد بغير نية، والحاصل أنه سبحانه وتعالى سوى بين حال الصوم حال الاعتكاف في المنع من الجماع، فإن اجتمعا كان آكد، فإن الاعتكاف من كمال الصوم وذلك على وجه منع من المباشرة في المسجد مطلقاً.
قال الحرالي: وإنما كان العاكف في المسجد مكملاً لصومه لأن حقيقة الصوم التماسك عن كل ما شأن المرء أن يتصرف فيه من بيعه وشرائه وجميع أغراضه فإذا المعتكف المتماسك عن التصرف كله إلاّ ما لا بد له من ضرورته والصائم المكمل