التسبيح بالحمد، والمعنى. والله أعلم. أن الاشتغال استمطار من المحمود المسبح للنصر على المكذبين، وأن الصلاة أعظم ترياق للنصر وإزالة الهم، ولهذا كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة.
ولما سلاه سبحانه عما يسمع منهم من التكذيب وغيره من الأذى بالإقبال على عليّ حضرته والانتظار لنصرته، أتبعه تعزية الإشارة فيها أظهر بما صوره يوم مصيبتهم وقربه حتى أنه يسمع في وقت نزول هذه الآية ما فيه لهم من المثلات وقوارع المصيبات، تحذيراً لهم وبشرى لأوليائه بتمام تأييده عليهم ونصره لهم في الدنيا والآخرة فقال:{واستمع} أي اسمع بتعمدك للسمع بغاية جهدك بإصغاء سمعك وإقبال قلبك بعد تسبيحك بالحمد ما يقال لهم {يوم يناد المناد} لهم في الدنيا يوم بدر أول الأيام التي أظهر الله فيها لأوليائه مجده بالانتقام من أعدائه، وفي الآخرة يوم القيامة في صورة النفخة الثانية وما بعده.
ولما كان المراد إظهار العظمة بتصوير تمام القدرة، وكان ذلك يتحقق بإسماع البعيد من محل المنادي كما يسمع القريب سواء، وكان القرب ملزوماً للسماع، قال مصوراً لذلك:{من مكان} هو صخرة بيت المقدس {قريب} أي يسمع الصوت من بعد كما يسمعه من قرب، يكونون في البقاع سواء لا تفاوت بينهم أصلاً.
ولما عظم هذا المقام بما كساه من ثوب الإجمال أبدل منه إيضاحاً