لتذكروا من أنفسهم أنه ليس أحد منهم يبث عبيده أو أجراءه في عمل من الأعمال إلا وهو يحاسبهم على أعمالهم، وينظر قطعاً في أحوالهم، ويحكم بينهم في أقوالهم وأفعالهم فكيف يظن بأحكم الحاكمين أن يترك عبيدة الذين خلقهم على هذا النظام المحكم وأبدع لهم هذين الخافقين وهيأ لأجلهم فيهما ما لا ضرورة لهم في التزود للمعاد إلى سواه فيتركهم سدى يوجدهم عبثاً.
ولما تقرر أمر القيامة بالتعبير بساهون قال:{يوم} أي نقول يوم {هم على النار يفتنون *} أي يرمون فيحرقون ويعذبون ويصبحون. . . من الاختلاف مقولاً لهم على سبيل القرع والتوبيخ:{ذوقوا فتنتكم} . . . العقوبة من الفتنة المحيطة.
. . واستعجالكم ما توعدون استهزاء وتكذيباً {هذا الذي كنتم به تستعجلون *} أي تطلبون عجلته. . . {إن المتقين} أي الذين كانت التقوى لهم وصفاً ثابتاً {في جنات} أي بساتين عظيمة نحن داخلها. . . {وعيون *} . . . {آخذين. . . ما} أي كل شيء {آتاهم. . . ربهم} أي المحسن إليهم. . . بتمام علمه وشامل قدرته وهو لا يدع لهم لذة إلا أنحفهم بها فيقبلونها بغاية الرغبة لأنها في غاية النفاسة. ولما كان هذا أمراً عظيماً يذهب الوهم في سببه كل مذهب، علله بقوله مؤكداً لنسبة الكفار لهم إلى الإساءة:{إنهم كانوا} أي كوناً هو كالجبلة. ولما كان الإنسان