ففعلوا جميع ما أمروا به ورأوهم في قريتهم وقصدوهم بالمكر لأنهم خفي عليهم أمرهم، وأتوا الخليل عليه السلام وهو أعلى ذلك الزمان وهم في ذلك ولم يعلم أول الأمر بشيء من حالهم ولا ظنهم إلا آدميين، فقال مفخماً لأمر القصة بتخصيص الخطاب لأعلى الخلق وأنفذهم فهما إشارة إلى أنه لا يفهم هذا حق فهمه سواه على طريق الاستفهام على عادة العرب في الإعلام بالأمور الماضية وإن كان المخبر عالماً بأن المخاطب لا علم له بذلك لأن المقصود ليس إلا التنبيه على أن ذلك الأمر مما ينبغي الاهتمام به والبحث فيه ليعرف ما فيه، من الأمور الجليلة؛ قال أبو حيان: تقرير لتجتمع نفس المخاطب كما تبدأ المرء إذا أردت أن تحدثه بعجيب فتقرره: هل سمعت ذلك أم لا؟ فكأنك تقتضي بأن يقول: لا، ويستطعمك الحديث - انتهى. {هل أتاك} يا أكمل الخلق {حديث ضيف} عبر عنهم بلفظ الواحد إشارة إلى اتحاد كلمتهم {إبراهيم *} وهو خليلنا، ودل على أنه لم يعرف شيئاً مما أتوا به دالاًّ على أنهم جمع {المكرمين *} أي الذين هم أهل الكرامة، وأكرمهم إبراهيم عليه السلام بقوله وفعله، ففي حديثه ذلك آية بينة على ما بين في هذه السورة من قدرة الله تعالى وصدق وعده ووعيده، مع ما فيه من التسلية لك ولمن تبعك، والبشارة بإكرام المصدق وإهانة المكذب، قال القشيري: وقيل: كان عددهم اثني عشر ملكاً، وقيل: جبريل عليه السلام، وكان معه تسعة،