وهذا هو المسقط لما تقولوه أولاً وآخراً، وهذا الذي لم يجدوا عنه جواباً، ورضوا بالسيف والجلاء، لم يتعرضوا لتعاطي معارضته، وهذا هو الوارد في قوله تعالى في صدر سورة البقرة {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله}[البقرة: ٢٣] الآيات، فما نطقوا في جوابه ببنت شفة {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}[الإسراء: ٨٨] فتبارك من جعله آية باهرة وحجة قاهرة - انتهى.
ولما أثبت وقوع العذاب، تشوفت نفس الموقن إلى وقته، قال مستأنفاً لبيان أنه واقع على تلك الصفة:{يوم تمور} أي تتحرك وتضطرب وتجيء وتذهب وتتكفأ تكفأ السفينة وتدور دوران الرحى، ويموج بعضها في بعض، وتختلف أجزاؤها بعضها في بعض، ولا تزول عن مكان؛ قال البغوي: والمور يجمع هذه المعاني فهو في اللغة الذهاب والمجيء والتردد والدوران والاضطراب، قال الرازي: وقيل: تجيء وتذهب كالدخان ثم تضمحل. {السماء} التي هي سقف بيتكم الأرض {موراً *} أي اضطراباً شديداً {وتسير الجبال} أي تنتقل من أمكنتها انتقال السحاب، وحقق معناه بقوله:{سيراً} فتصير هباء